
هذه القصيدة تحفة أدبيةٍ ناطقة بالفخر والشموخ، وصرخة مُدوّية في وجه محاولات الإقصاء والتهميش. لقد نسجت من الكلمات أبهى الصور، وجعلت من الحروف قناديلَ تُضيء بها درب الإبداع، لترسم ملحمةً شعريةً آسرةً تلامس شغاف الروح؛فتدفقت كلماتها جداولَ عذبةٍ، فهذه القصيدة بيانٌ صريحٌ عن وجودٍ لا يُمحى، وإرثٍ لا يندثر، وروحٍ لا تنكسر وقد ترجمتْ القصيدة تفرّدك وأصالتك، فأنت الغيمة الوطفاء التي تروي الزهور فتعطر الأرجاء
إنك قيمة مُضافة لا غنى عنها، فكيف للمرء أن يُقصي ما يمثّل جوهر وجوده؟ وكيف لقاعٍ أن يطمح لأن يكون قمّةً شماء إن لم يعترف بك دليلا لدربه؟
تتجلى عظمة هذه القصيدة في قدرتها على التّحدي، فأنت لست مجرد شاعرٍ عابر، بل قمرُ المفازةِ الوضاء الذي ينير الدروب، ومنشدُ الأرض الذي يحمل همومها في وريده، أنت ذلك الشاعر الذي بكى قبل اليوم من ضاقت بهم المغارة، مستذكرًا أولئك الذين اضطروا للرحيل، ليعبر عن تضامنه العميق معهم.
كشفت عن بصيرتك الثاقبة، فالتاريخ لا يجهل من حارب في أرضٍ تئنّ بوزرها الأرجاء؛ وأكدت أن القزمَ من ساءتْه قامتُه، فهو لا يخشى من لؤم الزمان، بل يرى فيه فرصةً للسمو والارتفاع، فـ "الجوزاءُ تشْرقُ عالياً"، و**"العظماءُ يرون العظيمَ بحالهِ"**.
ثم اتّخذت القصيدة منحىً فلسفيًا عميقًا، فـ "ما بعد حلْمِ الحالمينَ حكايةٌ أزليةٌ لا خبطةٌ عشواء".
أعلنت عن مناعتك ضدّ كلّ محاولات الذّل، فالقزم من ساءتْه قامتُه،
وفي ختام هذه الملحمة، تُصبح الجراح هويةً للشاعر، ففيها تتجلى الأغاني المشرعاتُ بالأحرف، ونكران فضلك لا يضيرك مادامت الورى شهداء على عظمتك "ما ضرّني جهلُ المناكرِ بي.. ولا نكرانُ فضلي والورى شهداءُ".
وجميل أن تكون خاتمة القصيدة بـ بشارةٍ أملٍ، فبعد العواصف، "سوف يجري الماءُ"، و**"غدًا يعودُ إلى الرئاتِ نهارُها، وغدًا يزولُ الحزنُ والبُرَحاءُ"**. إنها دعوةٌ صريحةٌ للتفاؤل، وإيمانٌ راسخٌ بأنّ الحقّ منتصرٌ لا محالة، وأنّ كلّ محاولات الإقصاء مصيرها الزوال.
لقد قدّمت قصيدةً لا تُنسى، توسطّرت اسمك بأحرفٍ من نور في سجلّ الإبداع الشعري.