مراثي الوالدة عيش بنت امّد بن أحمد بن الحمدْ 

أحد, 04/27/2025 - 00:43

من صفحة الباحث يعقوب بن اليدالي

 

4. مرثية الأستاذ الأديب يعقوب بن محمد بن أبي مدين 

علاقة بئر المساجد بذي الدفء ضاربة في القدم، وقائمة على الود والتقدير والتوقير والاحترام بله وشائج القربى والتعلق الروحي، فقد برز الشيخ أحمد بن الفال والشيخ أحمدُّ بن سليمان رحمة الله عليهما، في حضرة الشيخ سيديا بن المختار بن الهيب ، وتصدرا عنه، ونقلا معهما المعارف والأنوار والأسرار إلى إكيد وعنهما أخذها الثقات والمبرزون فنفع الله بهم العباد والبلاد وهدى بهم قلوبا غلفا.

ومن أبرز من أخذ الطريقة القادرية عن الشيخ أحمدُّ بن سليمان العالم الورع أحمذُ بن زياد الأبهمي وأبناؤه فتعززت العلاقة بين الحيين وتجلت في المراسلات الكثيرة والأشعار الجميلة.

وفي هذا السياق فقد توسل الشيخ المربي والعالم العامل الشيخ أحمدُّ بن اسليمان ببعض علماء وصلحاء الأبهميين فقال:

بمن أنار ومن أما ومن نصرا
ذا الدين حقا فهم سادتنا الأمرا
بهم توسلت كيما أن أنال منى
يغار منها جهارا كل من نظرا
واهتف بأشفغ عبدالله وانتخبن
سيدي الأمين الولي ابني سيدي عمرا
فذاك بالأمر بالمعروف مشتهر
ما دام حيا وهذا خصص المطرا
والعاقل اندبنه واذكر من محاسنه
شأن ابنه أحمد من صيته اشتهرا
وبابن والد امحمد ووالده
تنل منة تملأ الأسماع والبصرا
فلذ بهم لذ بهم فالمستجير بهم
يلفيهمُ وزرا يلفيهمُ وزرا

وقد أجابه تاج العارفين ببها بن محمذن بن أحمد بن العاقل بأبيات توسل فيها بسبعة أولياء من أولاد باركلل كلهم يدعى "ألمين"  فقال:

ناد الأمين بن باركل حين ترى
أمرا فظيعا وناد صحبه الخفرا
هاد الأمين وشدك وابن بوي كذا
أكدابسات وأني ثم من نصرا 
هك الأمينون إن تطلب بهم وطرا
تنل وشيكا وشيكا ذلك الوطرا

وفي سياق آخر، فقد ارتبط الأديب الفتى  اميه بن محمد بن محمذن بن الحص الأبهمي، بعلاقة روحية مع أحد أعيان سينلوي يدعى "مانباي فارا بيرم لو" الذي عين سنة 1880 في مكتب الداخلية والشؤون السياسية لسد فراغ بو المقداد الأب.

وقد مدح الأديب اميه صديقه الولفي ببيتين جميلين وفق فيهما لاطراد نادر فقال:

فتى ألم التقى والجود حيث ألم
وساد ناديه مامبي بن فار برم
ما شاب دين إله الحق مرتبة
من النصارى ولا يرى عليه رقم

فلم يرق البيتان لأصدقاء دودو سك من الشعراء وحاولوا إجابتهما لكنهم لم يغنوا شيئا نظرا لشيوع البيتين وذيوعهما بين الناس.

وفي المقابل، تحيز العالم والمربي الشيخ أحمدُّ بن سليمان للأديب للأديب اميه ونوه بأسرة أهل الحص بن محمد بن سيد الأمين بن أعمر  في الأبيات الجميلة التالية:

من سره نصر رب ذي غنى وقدم
فليسع في نصر أهل الحصن قدر قدم
ومن يكن غير ذي نصر لهم فله
عند المهيمن ذل دائم وندم
من حبهم حبه المولى وصيره
سعيد ختم ولو كان المحب "ججم"

زارنا خلال أيام التعزية الأستاذ الأديب والباحث المحقق يعقوب بن محمد بن أبي مدين بن اباهديدي بن الشيخ أحمدُّ رفقة والدته الشيخة الصالحة المحترمة توت بنت محمد بن اباه ديدي بن الشيخ أحمدُّ بن سليمان. 

تربط توت والوالدة عيش علاقة محبة إلهية قوية، بدأت في المذرذرة وبلغت أوجها في مجالس ولقاءات جمعتهما في منزل أهل محمد بن ديديا بن الشيخ أحمدُّ في كرفور،  مع الشيخة الصالحة والمخبتة بوب بنت ديدي بن اباه ديدي، رحمها الله، فقد حدثتني الوالدة رحمة الله عليها ببعض ما يثار في تلك الجلسات من السير والشمائل واللطائف وكلام العارفين.

جلست قرب الشيخة توت مستمعا ومنصتا فبنات الكُمَّل كلامهن كبريت أحمر ودر نادر، فعزت وواست وشهدت بالخير للفقيدة، ثم روت لي من حفظها أبياتا  للشيخ سيد محمد بن الشيخ أحمدُّ بلغت مني مبلغا عظيما، فشعر العارفين بالله ينبع من قلوب رضيت بقضائه في السراء والضراء،  ويرون تدبيره فوق كل تدبير ويشهدون رحمته في كل ما جرى به القلم،  

سَلِّمِ الأمرَ للإلهِ وفَوِّضْ
وارْضَ ماقدْ قضى بحسنِ اعتقادِ
وكِلِ النَّفْسَ والبنينَ إليهِ
وكِلِ المالَ لا عَدَتْكَ العوادِي
إِنَّ مَنْ لَبَّ لا يودُّ مُرادًا
غيرَ ما اختارَ ربُّهُ من مرادِ
فقضاءُ الإلهِ لابُدَّ يجري 
وَفْقَ ما قد أرادَ ربُّ العبادِ
رضيتْ أنفسُ العبادِ بهِ أم
سخِطتْ مالِسُخْطِهَا منْ مُفادِ
غيرِ تكديرِ عيشِها بدُناهَا
وفواتِ الأُجورِ يومَ المعادِ

استقبلت رفقة بعض أدباء أهل انيفرار الفتى المفضال والشاعر المطبوع يعقوب بن محمد بن أبي مدين، فعزانا وواسانا وشهد للفقيدة بالخير ودعا لها بالمغفرة والرحمة، ثم ألقى أمام الحضور مرثية وافرية جيدة، اكتملت أركانها، وانسابت أبياتها كالشلال الرقراق فلامست الوجدان بجمعها بين عذوبة اللفظ، وجمال التعبير،  وصدق العاطفة.

وفيما يلي نص المرثية، وسأرفق التدوينة بفيديو إلقاء الأستاذ يعقوب لها.

نعى الناعي لنا أم المعالي
وذات الدين والخلق المثالي
وواصلة الأقارب كل حين
وصادقة المقال مع الفعال
وصائمة الهواجر كل صيف
وقائمة الدياجي في الليالي
فأبكى النعي أعين وامقيها
جميعا من نساء أو رجال
فعائشة المكارم لا تضاهى
إذا عدت كريمات الخصال
فبالفردوس يسكنها إلهي
مع الماحي المشفع في الأعالي
عزاء النفس باق في بنيها
وفي الأهل الكرام ذوي المعالي
صلاة الله يشفعا سلام
على الهادي وصحبته وآل