قصص لا تفيد شيئا في هذه المرحلة (2) / الدهماء ريم

سبت, 04/13/2019 - 06:43

قصص لا تفيد شيئا في هذه المرحلة! (2)
..........................
أعود للمعلمة "أمينة" وبعض طيش الطفولة،.. كانت قاسية، ونظرة منها تصهر القفص الصدري، تُجاريها والدتي في قسوتها علينا، "لمصلحتنا"!، .. الذَّهابُ الى غرفتها كالسَّيْر إراديًّا نحو النَّعش.. فكم من لطْمَةٍ لم تنظُر فيها حُجَّة.

 والدتي تتعلَّم عليها الأحكام والأدعية وتحفظ عليها السُّوَّر، فبواقع أنها أميَّة، -كأغلب عَبِيدِ زمانها ممَّن خذلهم مهبط الحياة المُصنَّف مُسْبَقا، وتلقَّتْهم لعنة الانتماء القسري بالأحضان- كانت تحفظ بالتَّلقين،.. (ذيك مساهمة في حملة المرشَّح بيرام).

أحيانا تُلزمُني "لمْرابْطَه" أن أُلقِّنَ والدتي دعاءً أوحُكما أو سورة، وهيَّ سريعة الحفظ، بذاكرة لا تتنازل عن التَّفاصيل، لا يزعجني أني أُحَفِّظها أشياء لا أستوعبها ولا أفهُمها، المُزْعج أنَّ الأمرَ على حساب وقت لعبي، رغم شعوري بالزَّهو وأنا أبني على شخصيَّتي سقفًا من السَّعادة حين أمارسُ عليها فخْر "التكَريه" .. 

 العلاقة الودية بين الوالدة والمُعلِّمة تغيظني، ويغيظني تفاهمهما "السَّادي" على تعذيبنا، استجمعتُ مَخزوني من الشَّر لأكيدَ لهُما،..  لقَّنتُ والدتي دعاءً مُمزَّقًا، مُتعاكس الكلمات، حفظَتْه عليَّ جيدا، وأنا أُغالب الضَّحك كمن يُغالب القَيئ، لكن في نشوة المعتصم بالنصر.

طَويتُ الورقة المُجعَّدة، و انتقلتُ أنتظرها في غرفة المُعلّمة وأنا أتلوَّنُ، فقد دسَسْتُ للتَّوِ جُنْحَةً في عُبِّ جُرأتي،.. 
 رأيتها قادمة تتبخْتَر، فقلتُ أخاطبها في سِرِّي:«ستُلقِّنُكِ أمينة عَلْقة ساخنة » على الدعاء الفاسد، كنتُ أتصوَّر أنها ستضربها، أو على الأقل تُسمعها ممَّا تُسمعنا، من نَثِيثِ الشَّتْم الصَّافي، وتُكافئ جهدي في التَّحفيظ..

 ردَّدَت والدتي الدّعاء المُمزَّق الأوصال، انخرطتْ المُعلِّمة في موجة من الضَّحك، وهي المُقتِّرةُ فيه عادة، فحين تُداعبنا تَقذِفنا بكلمة واجمة،.. وكنتُ أعلم أن ضحكتها تنطوي على شُبهة مُسْتَتِرة، تناوبتْ معي نظرة بعين كالمِسْبار، استظهرتْ ما يَعتلِج داخلي، وقَبْل أن يرتدَّ إليَّ طَرفي المُتهيّب الخجول، التقطتْ صيوان أذني بقرصة وقذفتْ برأسي تحت فخذها،.. 
مكيدة بائسة مسكوكة من السذاجة في تركيبتها النقية،... تُبتُ!،.. كانت آخر مكيدة أدبّرها... على ما أعتقد.